بعد جمعة من ما أعلنت لأمي عن رغبتي في مقابلة البنية، خدمت هي الأكتاف متاعها ودبرتلي النومرو وموعد "تعارف" في دار الناس ..
الحقيقة وأني من الأول ما عجبتنيش الحكاية .. شنية نمشي لدارهم نقعد نحكي قدام بوها وأمها ؟ .. من بعد قلت ما فيها بأس، بعد ما وقفتها في الشارع، نورها إلي أنا جدي في التمشي متاعي وناوي على الخير .. كهو وجاء اليوم الموعود .. نهار يعمل ستة وستين كيف ، كلموني صحابي على تكويرة وقعدت نغزل كيفاش فلتتها وبديت إنغنغ على أمي :
- أهيكة من تو بدات تحرم فيا من زينة الحياة !
- يزي من المساطة ..
- هذي نقطة "نيغاتيف" في الحساب ، مش خاطر مزيانة بش ننبطحلها .. محسوب ما فما كان هي !
- باهي كي تمشي تحكي معها قوللها منك ليها
سكرت فمي ومشيت نلبس في حوايجي، عادة وأنا قدام "الأرموار" ونفرت في الحوايج الكل :
- أمي ، نورمال نمشي بشورط ؟
- لا تلبس كوستيم !
- شنية كوستيم متاعك ؟ عرس بش يولي !
لبست سروال "بوزي" وسورية ، وتوكلت على العالي
وصلنا للدار، وقبل ما ندقو على الباب ، غزرتلي الوالدة تعمل في دورة وعكلة .. صاوب رقبة السورية، السروال ملوطا مبروم شوية حلو .. شبيك حطيت شوية "بارفان" ؟
وأنا نسمع وساكت، مخي في الطفلة كيفاش بش نلقاها .. وكيفاش بش تكون ووين بش توصل الحكاية ..
يحل خوها الكبير الباب ، ويهزني ويهبطني بعينيه، وبعد ما رحب بالوالدة تبسملي تبسيمة صفراء :
- إنت صاحب قجر ؟
- إي .. تعرفوا
- إي إي شنوة نعرفه ! .. و يتمتم في حوايجو "ملا سلعة جاي للدار"
تبسمتلو، و لفت انتباهي امو و هي ترحب بالوالدة .. ويحكيو على أيمات كانوا يقعدو في نفس الطاولة في المكتب .. الحاصل بعد نصف ساعة قصف عنيف عليا وعلى حياتي واش عملت واش ما عملتش وشعندي واش ما عنديش .. تجي بدر البدور ..
كانت في أحلى حلة، وأنا نشوف فيها ونصلي على النبي (في قلبي) .. كانت لابسة الأحمر ..الأحمر لون الحياة و لون الحب .. لون يبعث على الإنشراح .. وقعدنا في بيت مش بعيدة نحكيو على راحتنا !
- أنا ما نحبش الراجل "macho" برشة .. ونحب إلي يدو كريمة !
- لا مش معقول يكون مشحاح الراجل ، حتى الجيران اش يقولوا عليها المرا ..
- إي والله .. صاحبتي راجلها من الأول كان وين نحطك يا طبق الورد ومن بعد العرس ولا عبد جديد !
- ربي يهدي ..
- تعرف يا كالمارو .. أنا صحيح نقرا أما ما نحبش نخدم .. راجلي هو إلي يدللني وكان لزم نزيد نقرا ..
- إي معقول ، اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد ..
- وأنا راني نحب الراجل المثقف .. خيت عليهم ، فما برشة تلقاه قاري باك + 20 وهو مخو قد العصفورة.
- حاشى العصفورة
- "أون بليس"، قداكش "drôle" هيهيهي ..
الحاصل من غير ما نطول، كل جملة تنطقها، تزيد تغرق بها روحها .. هذي تقرا "prepa" ؟ هذي بش تولي مهندسة وتبني البلاد ؟ أوه يا عمري أوه ! .. وبديت نحس في الإشمئزاز هابط علي من كل صوب .. معاش حامل حتى كيفاش تتحرك وتحكي وأنا سرحت بمخي ..
ياخي اللون الأحمر إلي لابسته، زعما عنده علاقة بالفشل هذا ؟
اللون الأحمر إلي كي شفته من الأول اعتبرته لون الحياة .. فالإنسان إلي خدوده حمراء على سبيل المثال يقولوا عليه حي في أوج عطاؤه، الرياضي لما يجري ويسخن يولي كذلك أحمر اللون كعلامة للإستعداد للبذل البدني والعطاء .. كيف كيف الأحمر هو لون الحب والرومنسية .. ابدى من الوردة الحمرة وإنتي ماشي ..
أما الأن وهي تحكي و ليت نشوف فيه لون الموت والدكتاتورية .. تي حتى عزيزتي كيف تحكي على جهنم تقول "جهنم الحمراء" ... اللون الأحمر ماهو زادة لون الدم والقاتل والمقتول ... لون الدكتاتورية السياسية والمنزلية تي حتى المدرسية .. أليس اللون الأحمر هو الذي يستعمله المعلم حتى يخزيك ويوريك أنك "بهيم" .. وكم من مرة لقيت مكتوب بالأحمر الشعشاع "صفر" على كراس القسم أو هي "اطلعت عليه" ... اللون الأحمر لا يناقش في المدارس ، فكلمته هي الفاصل والفيصل بين التلميذ ومعلمه ... لون كذلك إمتزج في صغري بالبكاء والطرايح في داخل القسم أو في الدار.. حتى لما تاكل طريحة البلاصة متع الضربة ... قبل ما تزراق ... تحمار !
والأحمر هو إلي يشكب على الأزرق على أوراق الإمتحان .. ياخي شنية العلاقة بين الأحمر والأزرق ؟ علاش نحسهم سابق ومسبوق ؟ وعلاش الأحمر هو إلي يوجع والأزرق هو إلي يخفف ؟ فالضربة لما تبدا تبرد تولي زرقاء .. و حتى في ورقة الإمتحان، اللون الأزرق الصافي هو إلي يطلع المورال !
والسماء ... زرقاء .. السماء لما تكون صافية تبعث للأمل وللتطلع إلى مستقبل مشرق بالرغم من الآلام "الحمراء" الموجودة في الأرض، حتى الشمس كيف تجي تغرب ، يظهر شفق أحمر وكأن السماء الزرقاء تتألم لفراقنا .. والبحر.. أزرق .. البحر وآفاقه الواسعة بالرغم من الخطر إلي فيه أزرق .. فعليسة لما استحال معاشها في بلادها، وسفكت الدماء فيها .. هربت عن طريق البحر .. وكأن الطبيعة اتفقت على أن الأزرق هو لون الإرتقاء والطموح و الأمل !
من غير ما نحس ... ومن غير ما نعرف شنوا الموضوع إلي كانت تحكي فيه سألتها :
- شنوة لونك المفضل ؟
- فابتسمت و سكتت لوهلة ثم قالت بكل ثقة في النفس .. الأزرق !
يتبع